________________________________________
كانت فتاة كباقي الفتيات هي الكبرى بين أخواتها الثلاث لم يكن لهم أخوة أولادهن الأربعة فقط .. لقد كانت تعانق الدنيا بروح سخية .. وتقبل السماء بأحلامها الوردية .. كانت تنظر للمستقبل نظرة الطفل الشغوف .. لقد كانت في طفولتها ترتاد الروضة بقنبلة من البكاء كل صباح .. لاتريد فراق يد أمها .. ولكنها حالما تدخل الروضة وتجد تلك الألعاب .. بسرعة البرق تنسى والدتها وتنهمك باللعب والرمل وتغوص في عالم آخر .. ثم بدأت المرحلة الإبتدائية وبدأ عام من الجد والإجتهاد .. وقنابل البكاء كالعاده .. رغم أنها كانت ترتاد نفس المدرسة التي تعمل بها والدتها .. وبدأت تدرس لمدة إسبوع في نفس الفصل الذي تدَّرس به والدتها .. والتي كانت معلمة للصف الأول الإبتدائي .. لم تكن والدتها تحب الكسل ولاتتهاون في ذلك .. ولحسن الحظ كانت هذه الفتاة تحصل دائماً على أعلى الدرجات ولله الحمد .. ثم بدأت المرحلة المتوسطة وبدأت تدخل هذه الفتاة عالم جديد .. (عالم المراهقة) .. إستأنفت الدراسة بجد وفي نفس الوقت كانت تهوى تشتيت إنتباه المعلمة في الحصة ..فلطالما كانت ذات حركة دائمة .. وكثيراً ماكانت المعلمات ترجوا منها الهدوء .. ثم ترد عليهن بتلك الإبتسامة البريئة .. ثم تهدأ وماتلبث ثواني حتى تعود لحركتها .. وهكذا حتى إنتهت من هذه المرحلة .. وبدأت بمرحلة أكثر صعوبة وأكثر حذراً .. ألا وهي مرحلة الثانوية .. لقد بدأت بداية ممتازة وحصلت في الصف الأول على أفضل العلامات .. ثم في الصف الثاني أهملت قليلاً .. ولكن نجحت والحمدلله .. ثم في الصف الثالث والأخير تراجعت كثيراً في مادتي الرياضيات والفيزياء .. وفي ذلك اليوم الذي أعلنت فيه الأسماء منشورة في الصحيفة .. ولم تجد إسمها وجدت خبراً آخراً .. من والديها .. لقد زف لها خبر سعيد جداً .. علمت أن اليوم سيحضرون مجموعة من الرجال لخطبتها لإبنهم البالغ من العمر 27 سنه .. وهي 18 سنه .. وعندما غابت الشمس .. رن جرس الباب .. وكاد قلبها يقف من الخوف .. ثم دخلوا المجلس ع والدها وبدؤا بالحديث وهي تستمع بشغف ولكنها لم تستطع إلتقاط كلمة واحدة .. سوى (ماقصرت ياطويل العمر) .. ثم أخذت تختلس النظر وهم يأدون صلاة العشاء .. وكان هناك رجلاً ممتلأً جداً وكان يقف في المقدمة والبقية خلفه فلن تكن تستطيع رؤية البقية فقط هو .. وبدأت تمتلئ غضباً .. لقد ذهبت والدموع تتساقط من عينيها .. وقالت لوالدتها بالحرف الواحد (ماما والله لو تذبحوني ماآخذ هالمتين .. وش جابني له؟ .. ماأبي راعي الكرش) .. وعندما أتى والدها ليطلب من والدتها إحضار العشاء .. علم بالأمر .. فأتي لإبنته وهو مبتسماً إبتسامة عريضة وقال : هذا الذي رأيتيه ليس العريس بل أخاه الأكبر ومتزوج .. أما هو فكان بجانبي بالخلف وليس ممتلأً بل أقرب للنحف .. ثم قال لها نحن سنتناول العشاء وأنتي إختلسي النظر ستجدينه بجانبي وذهب .. وهي لم تستطع الكلام .. لقد أصبحت بكماء من شدة الحياء والخوف .. ثم مالبثت دقائق حتى ذهبت تختلس النظر وهم يتناولون العشاء .. لكنها تأكدت من أنه ليس ممتلأً .. ولكن لم تستطع رؤية وجهه فقد كان مطأطأً رأسه حتى يكاد (عقاله) يسقط على صحنه .. ولم تنم تلك الليلة من التفكير .. كيف ستترك والديها.؟ .. من سيعتني بهم؟ .. كيف تترك غرفتها؟ .. لاتستطيع تحمل المسؤولية .. ثم غطت في نوم عميييييييييق .. وبعد ثلاثة أيام حضرت والدة وأخت العريس .. والعريس أيضاً .. لقد كان يوم الكارثه .. يوم (الشوفة الشرعية) .. وكانت الفتاة ليست مهمة أبداً وتعيش يومها ببساطة .. تغني وترقص وتلعب وتعيش في عالم آخر .. ولكن ما أن رنّ جرس الباب حتى تسمرت قدميها في مكانهما .. ثم ذهبت إلى غرفتها وهي ترتعش من شدة الخوف .. وبدأت ترتدي ملابسها .. ثم بعد دقائق توجهت إثنتان من خالاتها إليها لتأخذانها لوالدة وأخت لعريس .. ودخلت الفتاة وقدميها بالكاد تحملها .. وألقت التحية وفرت هاربة .. ثم أتت الكارثة .. لقد قالوا لها هيّا والدك ينتظرك بالأسفل .. لرؤية عريسك .. وبدأت تعض على شفتيها لن أنزل لو ماذا فعلتم لن أنزل .. وبدؤا يستدرجونها حتى وصلت إلى يد والدها الذي أدخلها المجلس بالقوة .. وما أن رأت طرف ثوبه حتى جلست على الطاولة في بداية المجلس من شدة الخوف .. وإنفجر والدها والعريس ضحكاً .. ثم أجلسها والدها في المكان الصحيح .. وبدأ العريس ينظر منأعلى الرأس حتى أخمص القدمين .. وهي تزداد إرتعاشاً .. وكادت تطير فرحاً عندما أشار لها والدها بأن تخرج .. ثم تمت الملكة بحمد الله .. وبدأت فترة الزيارات والمكالمات والأشواق والأحلام التي تمر بها كل فتاة وشاب .. وأخذت الفتاة تتنقل في الأسواق وتشتري هذا وذاك .. لم تترك شيئاً إلا وأخذته .. ثم إقترب موعد الزفاف .. وبدأت الأوهام والأفكار وقلة الشهية ..ولكن بحمد الله تم الزفاف .. وفي ثاني يوم من زواجهما .. توجها للمطار وذهبا في شهر عسلهما إلى ماليزيا .. وكانا أسعد زوجين على الأرض .. لقد كانت تحبه حباً يكاد قلبها يقف من شدة ماتكنه له من محبة وإخلاص .. لم تكن ترى على الأرض رجلاً سواه .. لم تكن تريد من الدنيا سوى أن تضع رأسها على صدره الحنون وتقف عجلة الزمن عندها .. إنها أجمل لحظة .. وعاشا أجمل لحظات حياتهما في تلك البلاد .. لحظات حُفرت في ذاكرتها .. ولن تنساها مادامت عروقها تُضخُ بالدم .. ثم عادا وبعد شهر من زواجهما .. إكتشفت العروس بأنها حامل .. ولم تكاد الأرض تحملها هي وزوجها من شدة الفرح .. وبدأت تعيش كل يوم وهي تتمنى أن تمشي عقارب الساعة بجنون حتى لتصل إلى الشهر الرابع لتشعر بحركة الجنين .. وجاء ذلك اليوم لقد شعرت بشئ يرفرف في أحشائها .. كاد يغمى عليها من شدة الفرح .. بدأت تتسوق كل يوم وتشتري لطفلها أجمل ماترى عيناها ..لقد كانت ترى الدنيا بعينين لايملكهما أحد ..عينان لاتستطيع وصفهما .. وفي إحدى الزيارات لطبيبها المسؤول عنها .. وإذا به يريها بجهاز الموجات الفوق صوتية .. طفلها الذي تحمله .. لقد زف لها خبر .. لم تستطع سوى البكاء في زاوية في بيتها وبكت وحدها من شدة فرحها .. لقد علمت انها تحمل ولداً .. إنه ولد .. إنها تحمل في أحشائها ولد .. ياإلهي بعد كل هذه السنين!!! .. أخيراً سيأتي هذا الولد .. ياروعة الدنيا كم ستكون فرحة والديها .. أووووه .. ياإلهي .. والديّ .. يجب أن أخبرهم .. لكنها لم تهاتفهم .. أرادت أن ترى تعابير وجهيهما .. وعندما دخلت البيت وجلست مع والديها .. زفت لهم الخبر .. فماذا رأت ؟ .. رأت الدموع تجتمع في عيني والدها .. وإنهمرت من عيني والدتها .. كلاهما حلقّا فرحاً .. وجن جنون أخواتها الثلاث .. ياإلهي سيصبح لديهم ولداً في هذا البيت .. لكنهم جميعاً لم يكونوا يعلمون .. ماتحمله هي في قلبها من جنون جنوووووووووون المشاعر .. لقد كانت يومياً تقرأ لجنينها قصه .. لقد كانت تربت على بطنها ربتاً خفيفاً فيرد عليها جنينها ببعض الرفسات .. ياإلهي لقد كانت أجمل لحظات الدنيا روعة .. لم تكن الدنيا تساوي شيئاً عندها بلحظة من لحظات لعبها هي وجنينها .. لقد كان ينام في أحشائها طوال النهار .. وعندما تريد هي النوم ليلاً يصحو ويبدأ باللعب والضرب .. ولكنها لم تكن تكره ذلك الإزعاج الأكثر من رائع .. بل كانت لحظات خاصة جداً تجمعها مع طفلها .. وعندما إقتربت من الشهر السابع..............
ونكمل ماتبقى من القصة الأسبوع القادم